حج حنان شيخ إسماعيل 1874-1966

هو حنان بن أحمد من عائلة شيخ إسماعيل، لقب بالحاج لأنه رافق والدته إلى مكة المكرمة للحج.

اشترك حج حنان في الاجتماع التأسيسي للقوات الشعبية "قواي مللي" في أفيون قره حصار مراش، وتقرر البدء بمقاومة الفرنسيين في نواحي عنتاب وكلس. ثم تزعم حج حنان قيادة المقاومة في منطقة عفرين بصورة فعلية، ولقبه الأتراك بالباشا. اضطرت القوات الفرنسية إلى الانسحاب من تلك المناطق في غضون أشهر قليلة. وكان آخر معركة عنيفة قادها حج حنان ورفاقه ضد الفرنسيين، هي معركة "حساره ، نسبة إلى الموقع الذي جرت فيه قرب قرية باكى  مسقط رأسه، حيث أباد فيها المقاتلون الكرد قوة فرنسية كبيرة، وأسروا قائدها الكولونيل واستولوا على جميع عتادها.

وبعد وضع الحدود السورية التركية، وحينما أيقن الفرنسيون أن السيطرة على المنطقة بالقوة ستكلفهم المزيد من الخسائر، لجأوا إلى أساليبهم الأخرى، فاستمالوا الشقيق الأكبر لحج حنان وهو "كوررشيد"، وبعد إعطائه ضمانات كافية بالحفاظ على حياة زعماء المقاومة في الجبل، والموافقة على وضع خاص لقضاء المنطقة، أقنع كوررشيد شقيقه أيضا بالكف عن المقاومة، واصطحبه معه إلى أعزاز لمقابلة رئيس الاستخبارات الفرنسية، الذي أخلي سبيله.

في عام 1922 أو 1923 تم دعوة حج حنان كأحد زعماء المقاومة إلى أنقرة للاجتماع بمصطفى كمال والتداول حول مستقبل السلطنة العثمانية، ما بين التمسك بالخلافة الإسلامية وما بين بناء دولة حديثة على النمط الغربي. وكان موقف حج حنان إلى جانب موقف الزعماء ببقاء الخلافة في دولة لكل الشعوب المنضوية تحت رايتها، والتمسك بالدين الإسلامي. ويقال أنه التقى أثناء ذلك الاجتماع بالشيخ سعيد بيران الذي أعلن بعد ذلك بعامين ثورة ذات طابع ديني وقومي على السلطة الكمالية وسياساتها المعادية للدين الإسلامي. وفي طرق العودة ألقى الأتراك القبض على حج حنان وأربعين كانوا برفقته، وأودع سجن عنتاب، وبقي فيها مدة عامين "أو ستة أشهر على قول"، إلى أن تمكن من رشوة حراس السجن والفرار عائاً إلى المنطقة، وهناك رواية أخرى تقول أن هروبه من السجن تم بمساعدة ضابط كردي.

بعد هذه الحادثة، أيقن حاج حنان  كغيره من الأكراد الغيورين على الدين الإسلامي والذين حاربوا الفرنسيين، بأنهم قد خدعوا من قبل الكماليين الذين كان كل همهم بناء دولة تركية قومية بعيدة عن المعتقدات الإسلامية. فعاد حج حنان إلى قريته ، دون أن يبدر منه ما يثير الفرنسيين أو الأتراك. ولكن أثناء ظهور حركة المريدين في أواسط العقد الرابع من القرن الماضي صار - كباقي زعماء آل شيخ إسماعيل زاده - مستهدفا من قبلهم. وقد حوصرت قريته من قبل المريدين عام 1939، وأصيبت إحدى بناته "سولية" بجرح في ذراعها أثناء الاشتباك معهم.

وفي عام 1944 زاره المستشار الفرنسي وأراد مصافحته، إلا أنه رفض ذلك قائلا: هل تريدونني أن أموت كافرا ؟!.

وفي عام 1948 دعاه رئيس أركان الجيش السوري فوزي قاوقجي خطيا، لجمع قوة من المتطوعين في المنطقة، والالتحاق بالجبهة السورية الفلسطينية للانضمام إلى جيش الإنقاذ في حربهم مع اليهود.

جمع حج حنان حوالي 700 رجلا وذهب بهم إلى دمشق، ومن ثم إلى منطقة الحدود، حيث طُلِبَ منه توزيع رجاله على وحدات الجيش النظامي، فرفض ذلك، وأصر على بقاء مقاتليه تحت إمرته. وعندئذٍ، اقترح على رجاله حرية الانضمام إلى الجيش تحت إمرة الضباط، أو العودة؛ فاختار منهم حوالي مائة فرد البقاء، وعاد بالباقين إلى ديارهم.

وكانت حجة حج حنان في ذلك شكه بإخلاص الضباط، وقد برهنت الأحداث بعد ذلك صدق حدس حج حنان. فقد استشهد في تلك المعارك بعض المتطوعين الأكراد، الذين قاتلوا ضمن وحدات الجيش النظامي، وبني لهم نصب تذكاري أمام دار الحكومة في عفرين، ولايزال قائما إلى يومنا هذا.

تنقل حج حنان في سنواته الأخيرة بين قريته في الجانب السوري، وقريته الأخرى قازقلى على الجانب التركي، حيث كانت له أملاك واسعة تقدر بنحو3500 هكتاراً من الأراضي السهلية، غمرت حاليا بمياه بحيرة النهر الأسود شمالي قرية ميدان أكبس. فاستولى الفلاحون والدولة التركية على ما تبقى منها. وقد أفاد أحد أبنائه بأن والدهم، كان يمني نفسه في أواخر عمره للحصول على تعويضات أراضيه المستولى عليها من قبل الدولة التركية ، وتوفي في قرية قازقلي على الجانب التركي من الحدود عام 1966، ودفن في مقبرة نبي هوري بجانب الجامع. وقبره غير مميز عن القبور الأخرى، على عادة أهل الجاه، وربما كان في ذلك تحقيقاً لإحدى قناعات هذا الكردي المسلم الورع والمكافح بأن "خير القبور الدواثر"

مخطوطة : الدكتور محمد عبدوعلي , لقمان عفرين

العودة إلى الصفحة السابقة