قلعة باسوطه

 

تقع قرية باسوطه إلى الجنوب على بعد /9 /كم من مدينة عفرين. وهي قرية عامرة وجميلة، تحيط بها وبدورها بساتين أشجار الفواكه، وفيها نبع ماء غزير "15ل/ثا"، يتدفق من أسفل جبل ليلون، الذي يبدو من الشرق والجنوب وكأنه يحضن باسوطه ويحميها. ويمر نهر عفرين من غربها على بعد عدة مئات من الأمتار، ليجتاز مضيقا محصورا بين جبل ليلون من الشرق وجبل بوزيكه في الغرب. أُنشِأ على النهر في هذا الوادي سد تنظيمي في نهاية المضيق بجوار قرية " برج عبدالو". يحيط بها من الشمال والغرب سهل منبسط خصب ينتهي بقرى " وعين دارا قرزيحل جومه".

بنيت قلعة باسوطه على تلة صخرية كبيرة في وسط القرية، يتراوح ارتفاعها بين 40م من الشرق، إلى 50م من الغرب، ليأخذ شكل جرف صخري حاد. ورغم زوال آثار القلعة، إلا أن الناس لا يزالون يسمونها بـ"القلعة". تبلغ مساحة سطح التلة نحو سبعة دونمات، يوحي شكلها بأنها قد انفصلت من جبل ليلون في الأحقاب الجيولوجية القديمة.

    - بناء القلعة وتاريخها:

ليس هناك تاريخ معروف لبناء قلعة باسوطه، وجاء أول ذكر لها في كتاب /تاريخ حلب لمحمد بن علي العظيمي 1090 - 1161م/، عن أحداث جرت عام 1145م، وواقعة حربية جرت لصاحب باسوطه. ولكنه لم يذكر شيئا عن صاحبها، ولا عن القوم الذين كانوا يعيشوون فيها والدولة التي كانت تتبعها. ويلاحظ من كلامه وجود كيان خاص لباسوطه مستقل عن السلطة الزنكية في حلب. وربما كان صاحبها هذا من سكان المنطقة الأصليين، أو أنه كان قائدا بيزنطيا - صليبيا، نظرا لأن السيطرة على مناطق إنطاكية وسيروس في تلك الفترة كانت تتردد بين المسلمين والبيزنطيين. فقد كان جوسلين صاحب إمارة الرها يسيطر على مناطق كلس وجبل سنة 1145م.

وفي عهد الدولة الأيوبية -أي خلال القرن 12 وبداية 13- سلم الأيوبيون ناحية القصير ومنطقة جومه شمالا إلى الأسرة المندية، واستمر الأمر في هذه المنطقة بيدها حتى بداية القرن السابع عشر.

ويبدو أن أهمية قلعة باسوطه قد قلت كثيرا في أيام ابن الشحنة 1402 1485م، ليقول عنها في /الدر المنتخب ص127/، إنه قد استولى الخراب على حصن باسوطه في المضيق، وأصبحت قرية غير دافعة ولا مانعة.

أعيد ترميم القلعة منذ القرن السادس عشر، وحكمت قلعة باسوطه في القرون الثلاثة اللاحقة، عائلات معروفة، وهم آل روباري في النصف الأول من القرن الثامن عشر، ثم آل كنج-أومر آغا في النصف الثاني من القرن الثامن عشر والربع الأول من القرن التاسع عشر.

كانت أبنية القلعة وخرائبها قائمة حتى أوائل القرن العشرين، إلا أن السكان أكملوا هدم البقية الباقية منها ليبنوا بحجارتها دورا للسكن. فقد استخدم مالكوا قرية عين دارة "من عائلة سفر في حلب" حجارتها في بناء قصر لهم بعين دارة. كما أن آل كنج، بحكم امتلاكهم السابق للقلعة، نقلوا قسما من حجارتها إلى قرية جلمه لاستخدامها في البناء. ولم يبق من القلعة حاليا سوى بضعة أمتار من أساسات سورها الشرقي، وغرفة كبيرة في الطرف الشمالي ألحقت حاليا بمنزل، ويبدو أنها كانت خانا للحيوانات قديما، وهي تستخدم اليوم أيضا لإيواء الحيوانات. وتم مبنى بلدية باسوطه في مكان القلعة حاليا.

وكان في القلعة بئر ماء، ردمت، وخندق واسع يحيط بها، يملأ بالماء أثناء الغزوات والحروب كخط دفاع عنها. كما كان فيها طاحونة مائية في الجهة الشمالية من القلعة.

وتشير التقديرات إلى أن سكان باسوطه في القرن السابع والثامن عشر كان يتراوح بين 2000 3000 نسمة، مقارنة مع مساحة انتشار أبنية القرية قديما.

وتشير المواقع الأثرية الموجودة في جوارها، أن موقع قرية باسوطه ومحيطها كانا عامرين منذ أقدم العصور. فهناك موقعان أثريان في الشمال الغربي منها قرب نهر عفرين، الأول، تل باسوطه، تتناثر عليه الكثير من الأدوات الحجرية الصوانية، ويعود تاريخه إلى العصور الحجرية. والثاني، المسمى جومتك، يعود إلى عصور تالية، تشبه حجارة بنائه، طراز الأبنية الرومانية البيزنطية، حينما كانت باسوطه مركزا إداريا هاما في تلك الفترة. وتظهر بين الحين والآخر أحجار مقابر مندثرة في تلك الأنحاء، يشابه نوع الخط والمسميات المدونة عليها، ما كان موجودا في نهاية العصر العباسي وما بعده، وأغلب الظن أنها تعود إلى الفترتين الزنكية والأيوبية.

 

اطبع هذه الصفحة      -     أغلق هذه الصفحة     -    عد الى الخلف

الدكتور محمد عبدو

لقمان عفرين / lokman shamo kalo

2009/5/8

  HOME   l   SYRIA   l   AFRIN   l   CONTACT   l   LOKMAN AFRIN

BACK TO HOME PAGE