الطرق والجســــور في منطقة عفريــــــن

الجســـــــــور

يقع نهر عفرين "البالغ طوله حوالي 150كم، ورافده نهر صابون، في منطقة اتصال هامة بين سوريا الشمالية وآسيا الصغرى. ولذلك كان تسهيل وسائل عبورها مجال اهتمام عام، ومن أهمها كان إقامة الجسور على النهرين المارين من منطقة عفرين.

إن أقدم الجسور في المنطقة، هما جسران من العهد الروماني يعود تاريخ بنائهما إلى القرن الأول أو الثاني الميلادي ويبدو أنه قد تم ترميم الجسرين أكثر من مرة في العهود المختلفة، وخاصة في العهد البيزنطي. والجسران لا يزالان يخدمان حركة المواصلات في تلك الناحية. إلا أنهما مهددان بالسقوط بسبب حركة المواصلات الكثيفة التي تسير عليهما.

الجسر الأول : مقام على نهر صابون، شرقي قلعة نبي هوري على بعد 1.5كم . يبلغ طوله 120م، له ست فتحات كل اثنتين منها متناظرتين، وفتحة سابعة صغيرة في الجانب الغربي من الجسر لم تذكره المصادر الكتابية الحديثة التي وصفت الجسر، ربما لأن الفتحة صغيرة ووحيدة في النهاية الغربية للجسر.

الجسر الثاني : مقام على نهر عفرين شرقي الجسر الأول بمسافة /1/كم، يبلغ طوله 92م، وله ثلاث فتحات كبيرة. شكل الجسر محدب، فتحاتهما على هيئة قناطر، عرض الممشيين 5.5 متر، ومرصوفين بالحجارة.



الخط الحديدي في منطقة عفرين {خط الشرق السريع - هره دره}

يعتبر خط قطار الشرق السريع، من أهم طرق المواصلات البرية بين الشرق الأوسط وأوربا في بداية القرن العشرين، وهو الوحيد الذي ربط أوربا بآسيا والشرق الأوسط حينها. ولذلك اكتسب أهمية خاصة. ويرتبط اسمه بالعديد من الأحداث المحلية والإقليمية الهامة.         

أما عن تاريخ إنشائه، فيشير التاريخ المدون على العوارض الحديدية للخط المار من منطقة عفرين، إلى أنها صنعت في عامي 1911 و 1912. ويستنتج من ذلك أن الانتهاء من أعمال تمديد الخط في المنطقة كان في عام 1912 أو 1913.

يبلغ طول القسم المار من منطقة عفرين " بين محطتي قاطمه وميدان اكبس" 61.5 كم، عليه أربع محطات رئيسية هي: قطمه، وقرط قلاق، وراجو، وميدان اكبس على الحدود التركية، إضافة إلى نقطة كتخ. ويمر الخط في أربعة أنفاق محفورة في المرتفعات الجبلية، وهي: نفق مشعلة بطول 235م، نفق راجو الأول 540م، راجو الثاني 165م، نفق راجو الثالث 130م. ويسير الخط على خمسة جسور حديدية، هي جسور: جومكه على نهر عفرين، وآستارو، وزرافكي على ماء زرافكي، وكتخ، وجسر المشهور على وادي حشارگه العميق، ، ويسمى أحيانا جسر هره دره، يصل هذا الجسر بين نفقي راجو الثاني والثالث، وأبعاده هي: 450م طولا، و 95م ارتفاعا من أسفل الوادي.      

والجدير بالذكر أن هذا الخط من تصميم وإنشاء "ألماني". عمل به أبناء المنطقة. أما الذي بنى الأقواس الحجرية للأنفاق والجسور فهو البناء عبدالرحمن عليكي من قرية مشعلة.



جسر كفروم

إضافة إلى هذين الجسرين، هناك ركيزة لجسر آخر موجودة في وسط مجرى نهر عفرين قرب قرية كفروم، وآثار قواعده المستندة على صخور الحافة الشرقية لمجرى النهر. ويدل تشابه الحجارة، وطريقة البناء إلى نفس عصر بناء الجسرين السابقين.



في موقع مدينة عفرين

وقد ذكر /ابن الشحنة، ص167/، وجود جسر قديم آخر على نهر عفرين، باسم جسر قيبار، وقيبار اسم لحصن ذكره العظيمي أيضاً، لا تزال أطلاله موجودة غربي قرية عرشقيبار. وقد يكون ذلك الجسر هو نفسه الجسر الروماني الذي كان يخدم حركة المواصلات على طريق إنطاكية - نزب.

كما ذكر /الغزي ج1 ص39/: أنه في عام 1882 تم بناء جسر كبير على نهر عفرين يجدر ذكره لأهميته:

((في ذلك العام 1300هـ/1882م، انعقد جسر على نهر عفرين قرب قرية الزيادية في ناحية الجوم من أعمال كلس؛ جسر حجري عظيم غاية في الاتقان والزخرفة. وحين انتهاء عمله أولم المجلس البلدي عنده وليمة حافلة دعا إليها جميع وجهاء الولاية وأمراء الحكومة والعسكر والعلماء والأعيان، فصار يوما مشهودا، بلغت نفقته أربعة آلاف أربعمائة وثمانين ذهبا عثمانيا، أخذت من صندوق بلدية حلب وكلس وانطاكية واسكندرونة.

وقد مسحت هذا الجسر بقدمي فبلغ طوله 259 قدما وعرضه 23 وقرأت ما نقش على حجرة في شمالي رأسه الغربي ما صورته: أنشئ هذا الجسر المتين في عهد سلطان السلاطين الخليفة الأعظم صاحب الشوكة السلطان الغازي عبدالحميد خان الثاني، وكان إنشاؤه ثمرة الهمة التي بذلها حضرة جميل باشا والي ولاية حلب، وأثر مهارة رئيس مهندسي الولاية قسطنطين مادريدس أفندي، وضع أساسه حضرة الوالي المشار إليه في اليوم الثاني من عيد الأضحى سنة 1298هـ/1880م. وتم إنشاؤه في سنة واحدة، وصادف فتحه كذلك في اليوم الثاني من عيد الأضحى سنة 1299هـ بحضور الوالي المشار إليه ودعي اسمه جسر السلطان عبدالحميد.

ثم إن هذا الجسر لم يلبث أن أتى عليه الشتاء، وهطلت السماء بالسيول الجارفة وتدفقت على نهر عفرين من ظهور الجبال وبطون الأودية، وساقت إليه ألوفا من الأخشاب والأشجار الجبلية، فما كان إلا أن تعاظم هذا النهر وطغى وحمل على الجسر حملة شديدة دكت منه قنطرتين وساقت أحجارهما إلى مكان بعيد، فأصبح كأن لم يكن بالأمس.

ولما كان وجوده لابد منه، لأنه معبر لطريق المركبات المؤدي إلى اسكندرونة الذي تم تدشينه أيضا في السنة المذكورة، فقد قضت الحال بإعادته. ولضيق الصندوق البلدي عما يعيده حجرا؛ أعيد بناؤه من الخشب فاستحضرت الأخشاب العظيمة وربطت ببعضها بالحديد ونصب كالباب العظيم على أطراف القنطرتين الباقيتين، ورجع الانتفاع به كما كان.

غير أنه لم يلبث أن أتى عليه الصيف وعلقت به النار ولم يجتمع الناس لإطفائه إلا وقد استحال رمادا كأن لم يكن. ثم بعد مدة أعيد خشبا على الصفة المذكورة)).  لايزال ذكر اسم جسر الخشب يتردد على ألسنة الناس. وهو الجسر الخشبي الذي عقد على الجزء الحجري بعد الحريق المذكور. وفي بداية عشرينات القرن الماضي بني جسر جديد بدل ذلك الخشبي على نهر عفرين، كانت ركائزه موجودة على ضفتي نهر عفرين على بعد 30م شمالي الجسر الحالي، وكان لايزال إلى أمد قريب يسمى "جسر الخشب"، كما كانت هناك أساسات لجسر آخر دون الجسر الجديد في الجنوب بحوالي 50م، لم نتمكن من معرفة تاريخ بنائهما.

أما الجسر الشمالي الحالي الذي يربط طرفي المدينة، فقد تم بناؤه عام 1975، مكان الجسر القديم الذي سقط اثر فيضان كبير لنهر عفرين 16/2/1974، وهو الجسر الألماني المبني عام 1898 تقريبا.



جسر ميدانكي

كان في الجنوب الشرقي من قرية ميدانكي على بعد /1/كم، جسر ميدانكي والمعروف على نهر عفرين، وقد غمرته مياه سد ميدانكي مؤخرا، ويعو تاريخ بنائه إلى العهد الروماني حسبما ورد في المعجم الجغرافي السوري.

وقد فاتنا القول أن الإنكليز بنوا جسرا في الحرب العالمية الثانية بجانب قرية "كفير"، وكان خاصا بالمواصلات القادمة من نواحي سمعان والعمق إلى عفرين، ولا تزال بقايا ركائزه موجودة إلى أيامنا. أما طريق برج عبدالو- باسوطه الحالي فكان عبارة عن ممر جبلي ضيق لا يصلح إلا للمشاة وحيوانات الركوب.  في وقتنا الراهن، هناك شبكة واسعة من الطرق المعبدة، تصل معظم قرى المنطقة ومراكز النواحي ومدينة عفرين ببعضها. كما هناك خمسة جسور حديثة على نهر عفرين؛ اثنان منهما: في مدينة عفرين، والثالث: في قرية تل سلور، والرابع: على وادي "قره جرني"، أما الخامس فيوجد جنوبي سد ميدانكي ويسمى جسر كمروك.



الطــــــــرق

يعتبر الرومان أول من بنوا الطرق المرصوفة السريعة. وقد بنوا في سوريا شبكة واسعة من هذه الطرق للأغراض التجارية والعسكرية، منها: الرئيسية المعبدة، والترابية الممهدة. وأقاموا أبراجا في أماكن مرتفعة بجانب تلك الطرق للحراسة وحماية القوافل، ومصادر المياه والإمدادات التموينية والعسكرية. وتؤمن المياه لتلك الأبراج من الأنهر القريبة والآبار أو بالأحواض والصهاريج، أو بقساطل من أماكن بعيدة. والمنطقة غنية بمثل تلك الآبار والصهاريج على تقاطع الدروب القديمة، كما هناك بعض القرى التي لاتزال تسمى (برج) في سهل جومه وجبل ليلون، مثل قرى برجكى وبرج عبدالو وبرج القاص، وغيرها. إضافة إلى أسماء الكثير من المواقع في أطراف القرى، ويعتقد أنها كانت تقع على مسار بعض الطرق الرومانية القديمة، ، فيما يختص بعضها لأغراض العبادة.

كانت مدينة إنطاكية عاصمة الولاية الرومانية الشرقية، ولها صلاتها البرية مع الغرب عبر ثلاث ممرات رئيسية، هي: الممر المحاذي للبحر المتوسط عند نهاية الأمانوس، وممر بيلان على جبال الأمانوس الواقعة شرقي مدينة الاسكندرونة. وكان الممر الثالث يستخدم حال تعذر العبور في الطريقين السابقين؛ بالصعود شمالا على امتداد سهل العمق، بمحاذاة سلسلة طوروس الغربية، في السهل الممتد بين الأمانوس وجبال عفرين، وصولا إلى مدينة "ملاتيه"، ثم يتم الالتفاف نحو غرب الأناضول. أما صلات إنطاكية مع الشرق، فكانت تتم عبر ممرين رئيسيين: أحدهما عبر منطقة حارم "باب الهوى" متجها شرقا نحو حلب. والثاني: عبر سهل جومه، للاتصال بين انطاكية ومدن أواسط الأناضول والجزيرة.

وبالعودة إلى خارطة أ.بوادوربار للطرق الرومانية في سوريا، وأبحاثه التي أجراها بين عامي 1925 و 1942، وإلى كتاب "أبطال الله" ليوسف قوشاقجي، نتمكن من معرفة الطرق القديمة في جبلي سمعان والكرد خلال العهدين اليوناني والروماني، على النحو التالي، [المصور "19"

من مدينة انطاكية

- طريق رئيسي يمتد بين إنطاكية ومدينة إصلاحية الشمالية، خلال سهل العمق، يتفرع منه طريق من ميدان اكبس إلى قرى ميدانيات وجبل قره بيل ، حيث كان هناك مركز سكني كبير، لا تزال فيه آثار عديدة تدل عليه.

- طريق رئيسي يمر من قرية الحمام الحالية إلى جنديرس، مارا بجانب زيارة شيخ عبد الرحمن، وبمدينة عفرين الحالية، ثم يتفرع منه طريق آخر، أغلب الظن أنه كان يمر بقرية "عنديبة" القديمة في سهل جويق، قاطعا نهر عفرين إلى ضفته الشرقية على جسر غربي قرية كفروم، بحوالي /1/كم، وأساساته لاتزال قائمة في وسط النهر هناك، وتشاهد على استقامتها ركائز للجسر على الضفة الشرقية من النهر. كما أن معالم هذا الطريق الواسع نسبيا موجودة في المرتفع الواقع غربي القرية، وأغلب الاعتقاد أنه الطريق المؤدي إلى مدينة سيروس. ويبدو أن هذا الطريق كان يخدم مراكز عامرة بالسكان؛ بدليل وجود تل أثري على الضفة الغربية من النهر في الموقع، مع آثار سكن ومقبرة قديمة

من مدينة سيروس

- كانت تخرج منها أربعة طرق رئيسية، الأول: باتجاه إصلاحية نحو الغرب. والثاني: باتجاه مدينة حلب. والثالث: باتجاه مدينة سميساط على الفرات في الشمال الشرقي. أما الرابع: يمر بأعزاز ليتصل مع الطريق الرئيسي الآتي من إنطاكية عبر عفرين وقرية قطمه، متوجها نحو الشمال الشرقي، باتجاه مدينة "نزب" غرب الفرات.

طرق أخرى:

- طريق رئيسي يبدأ من قلعة سمعان، ويمر بقرى "باسوفان، وبراد، وكفر نابو، وكلوته، وخراب شمس " إلى حلب. ولا تزال أجزاء منه باقية بين باسوفان وكفر نابو، وشرقي خراب شمس.

أما الطرق الفرعية أو الدروب فهي:

- طريق يتفرع من الطريق الرئيسي قرب قرية قطمه، ويجتاز قمم الهضاب الوعرة لجبل ليلون، مارا بقرى " دير مشمش، وكيمار، وبراد، وكفرنابو، وبرج حيدر " متجها نحو الجنوب.

- طريق يتفرع من الطريق الرئيسي قرب عفرين أو "قيبار"، ويمر من قرية كورزيل جومه نحو جبل سمعان.

- طريق يتفرع من الطريق العام، قرب قرية الحمام إلى "بيلانه" وجلمه، وغزاويه شرقا ليصل بالطريق السابق الذكر.

- دروب فرعية تخرج من قرى " كيمار، وبراد، وبرج حيدر" متوجهة نحو الشرق.

ولم يبق من الطرق الآنفة الذكر إلا آثار القليل منها. مثل: جزء من الطريق غربي كفروم، التي ذكرناه، وجزء من طريق مرصوفة قرب قرية باسوفان، "ذكرها الأب قوشاقجي". وما يزال بعض أهالي ناحية شران يذكرون آثارا لطريق قديم مرصوف في ناحيتهم، ولم نتمكن من التأكد منها رغم البحث عنها.

وفي عام 1868، تقرر مد طريق من حلب إلى اسكندرونة من جهة قلعة " گوبه لي" – قرية گوبه لي الحالية على جبل ليلون غربي قرية "جلبر"، كما تم بناء جسر على نهر عفرين في موقع مدينة عفرين /الغزي ج3 ص205/. وأقيم حفل افتتاح ذلك الطريق والجسر عام 1882، وفي السنة ذاتها، شرع في تمهيد طريق بين مدينة كلس وطريق اسكندرونة المار من عفرين بدءا من قرية قطمة.

وفي بداية العهد الفرنسي في سوريا تم فتح طريق بطول 12كم بين قريتي قطمة حيث محطة القطار وميدانكي المركز المؤقت لقضاء كرداغ في حينها.



إدارة لقمان عفرين 

عاديات حلب الكتابان الرابع والخامس

مخطوطات دكتور محمد عبدو علي

إعداد و تنفيذ و تصميم : لقمان عفرين

2009/7/3



  HOME   l   SYRIA   l   AFRIN   l   CONTACT   l   LOKMAN AFRIN